هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل. وهذا الاصطلاح استخدمه علماء الكلام في صرف آيات الصفات عن ظاهرها ومعانيها الراجحة إلى معان مرجوحة كما قالوا في قوله تعالى:{وجاء ربك والملك صفا صفا}. [الفجر: ٢٢]. المراد به جاء أمر ربك لأنهم لو أثبتوا المعنى الظاهر وهو المجيء لترتب على هذا خلو المكان والحدوث والله منزه عن ذلك، فصرفوا الكلام عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح لتنزيه الله تعالى وهذا الدليل غير مسلم لهم عند أهل السنة والجماعة، فهم يثبتون المجيء على ظاهره من غير تكييف ولا تمثيل على حد قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(١) وهو الصواب؛ لأن الذين تأولوا آيات الصفات خشية من الوقوع في التشبيه قد وقعوا فيما فروا منه، لأنهم تصوروا أن الله كالمخلوق يلزم من مجيئه الخلو والحدوث، فشبهوا الله به ثم تأولوا صفات الله فوقعوا في التعطيل، فلو أنهم تصوروا أن الله بخلاف المخلوق في ذاته للزم على هذا أنه مخالف له في صفاته، فوجب إثبات الصفات له على ما يليق بجلاله.
والراجح أن التفسير يتعلق بشرح ألفاظ القرآن وبيان معانيها من جهة اللغة، والتأويل يتعلق باستنباط الحكم والأحكام من الآيات وترجيح أحد المحتملات، هذا إذا أردنا التفريق بين التفسير والتأويل، وإلا فيصح إطلاق أحدهما على الآخر فبينهما عموم وخصوص من وجه كالإيمان والإسلام، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فإذا استعملنا كلمة التفسير مفردة فتعم التأويل، وكذلك إذا استعملنا كلمة التأويل مفردة فتعم التفسير، وإذا جمعنا بين الكلمتين فقلنا التفسير والتأويل فينصرف التفسير