وما يقال عن النزول يقال عن بقية الصفات التي تدل على " الحركة "، وعلى غيرها، شريطة أن يكون معلوما وواضحا وثابتا أن فهم هذه الصفات الإلهية ينبغي أن يكون بعيدا عن التكييف المتعلق بالعالم الكوني، وبعيدا عن أية صورة من صور التمثيل بعالم الحوادث، فهي صفات ذات كيفية خاصة، لا ندري عن كنهها شيئا، ولا نعلم عن طبيعتها - كذلك - أي شيء، وكذلك فإنه ليس في مقدورنا، ولا في مقدور أي كائن، جنا كان أو إنسا، أن يحيط - بأية صفة أو اسم منها - علما، أو يعلم شيئا عن حقيقتها، اللهم إلا من أراد الله أن يطلعه على بعض خفايا علمه المكنون، أو أسراره العظمى، فذلك سر الله في خلقه، ولله في خلقه شؤون.
يقول ابن تيمية بصدد هذه القضية، بعد أن عرض في إيجاز ما دار بين بعضهم من خلاف حول " صفات الحركة "، فمنهم من يثبتها دون تأويل، ومنهم من يؤولها في هذا الجانب المتعلق بالحركة خاصة - يقول ابن تيمية:" وبكل حال، فالمشهور عند أصحاب الإمام أحمد، أنهم لا يتأولون الصفات التي من جنس الحركة، كالمجيء، والإتيان، والنزول، والهبوط، والدنو، والتدلي، كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح، وكلام السلف في هذا الباب يدل على إثبات المعنى المتنازع فيه "(١) ولذلك فقد قال " الأوزاعي ت: ١٥٧ هـ " عندما سئل عن حديث النزول: (يفعل الله ما يشاء) وقال " حماد بن زيد، ت: ١٧٩ هـ ": يدنو من