وإمكانياتنا، ولكن دون أن نقوم بما يمكن أن نسميه عملية " النقل " أو " الإسقاط " من قبلنا، بمعنى أننا نجعل من " الله " سبحانه وتعالى عن ذلك، كائنا ماديا أو بشريا، فنفهم صفاته، وأسماءه في ضوء المفاهيم أو الدلالات للأسماء أو الصفات البشرية، وبالتالي فإننا ننفي ما ننفيه منها تحت ستار التنزيه.
فإذا كان الله سبحانه، منزها أساسا، عن مشابهة المخلوقين، وإذا كان قد وصف نفسه ببعض الصفات، أو سمى نفسه ببعض الأسماء التي تتشابه من حيث " اللفظ اللغوي " مع ما يحدث من الحوادث، فهل نسارع إلى نفي هذه الصفات أو الأسماء، حتى لا نقع في التشبيه، أو حتى لا نخالف مفهوم التوحيد؟!
إننا نفهم أن التنزيه قائم فعلا - حتى مع إثبات هذه الصفات، وتلك الأسماء، التي يظن فيها التشابه، ذلك أن ما ينسب إلى الله مغاير في كيفيته، ومخالف لما ينسب إلى البشر؛ لأنه أخبرنا بذلك. وكما أشرنا إليه من قبل. ومن أجل هذا كان " إسحاق بن راهويه " على درجة من الحذق والفهم في نقاشه لبعض قواد الأمير عبد الله بن طاهر " (ت: ٢٣٠ هـ) حول هذه القضية. حيث (سئل عن حديث النزول. صحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد الله: أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال كيف ينزل؟ قال له إسحاق: أثبته حتى أصف لك النزول. فقال له الرجل: أثبته. قال له إسحاق: قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (١) " فقال الأمير عبد الله بن طاهر " يا أبا يعقوب! هذا يوم القيامة. فقال إسحاق: أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة، من يمنعه اليوم؟ ".