وهي ما كانت غير متقررة في محلها. ومعنى ذلك: أنه لا يترتب على تعلق الحق بمحله أثر قائم يزول بالتنازل عنه، ومرجعه إلى رغبة المالك ومشيئته، إن رأى الخير في الانتفاع به فعل، وإلا ترك، دون أن يترتب على تركه أو التنازل عنه تغير في حكم محله، وذلك كحق الشفعة فإنه في الحقيقة نوع من الولاية للشفيع، وهي أن يتملك العقار بعد أن يتملكه المشتري، وملكية المشتري لهذا العقار قبل التنازل عن الشفعة هي بعينها بعد التنازل عنها. وإذن فلا تعلق له بالمبيع إلا على هذا الوجه، ولا يرى للشفيع فيه حق مستقر يحد من تصرف المشتري فيه وانتفاعه به. فحاله بعد التنازل عن الشفعة هي حاله قبل التنازل عنها.
وكذلك الحال في حق المرور بالنسبة للطريق، وحق الولاية على المال بالنسبة للمال. وهكذا (١).
والحقوق المجردة لا يجوز الاعتياض عنها، فحق الشفعة لو صالح عنه بمال بطلت الشفعة ورجع به. ولو صالح المخيرة بمال لتختاره، بطل ولا شيء لها، ولو صالح إحدى زوجتيه بمال لتترك نوبتها لم يلزم، ولا شيء عليها.
وكذلك لا تضمن الحقوق المجردة بالإتلاف. فإتلاف مجرد الحق لا يوجب الضمان، لأن الاعتياض عن مجرد الحق باطل، إلا إذا فوت حقا مؤكدا فإنه يلحق بتفويت حقيقة الملك في حق الضمان، كحق المرتهن.