للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن محاسنها أيضا أنها جعلت للناس الحرية في الكسب والأخذ والعطاء فيكتسب المسلم ويأخذ ويعطي في حدود الشريعة، كما قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (١)، له غنم ما أخذ وعليه غرمه، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: «لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من سؤال الناس أعطوه أو منعوه (٢)»، فحث على الكسب وبين أنه خير من سؤال الناس. ولما سئل - عليه الصلاة والسلام - «أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور (٣)» وقال - عليه الصلاة والسلام -: «ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده (٤)» - عليه الصلاة والسلام - فالشريعة الإسلامية حبذت الكسب والعمل، ودعت إلى الكسب والعمل، وجعلت العامل أحق بكسبه وماله، وحرمت على الإنسان دم أخيه وماله وعرضه إلا بحق.

وهذا كله من محاسن هذه الشريعة وعظمتها أنها صانت أموال الناس وأعراضهم كما صانت أبشارهم ودماءهم، وأمرتهم بالكسب وحثتهم عليه، كما قال النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا أو كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل شيطان (٥)» خرجه مسلم في صحيحه. ولو ذهبت أذكر


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٢) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٤٦).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٤١).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٠٩).
(٥) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٧٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٧٠).