٦ - هل إلزام القضاة الحكم بمذهب معين أو قول معين ضروري لحل مشاكل القضاء أو يمكن تفاديه بحل آخر؟
من المسلم به وجود مشاكل حول القضاء، والفصل بين الناس في الخصومات، ومن المسلم به أيضا أنه يجب بذل الجهود من الجهات المعنية والتعاون بينها لإيجاد حل ناجح لهذه المشاكل حتى يسهل على القضاة القيام بمهمتهم على خير حال، ولا يتهرب من العمل في حقل القضاء أحد من المؤهلين عند تعيينه من قبل أولي الأمر للعمل فيه، وحتى يطمئن من بينهم خصومات إلى التقاضي أمام المحاكم الشرعية، وتذهب عنهم الريب والظنون، وإذن لا بد من تحديد هذه المشاكل وبيان منشئها، ثم بيان وسائل حلها ورسم طريق الخلاص منها على ضوء معرفتها ومعرفة أسبابها.
أ- أما المشاكل فقد يقال فيها: إنها ما تقدم بيانه في دواعي إلزام القضاة أن يحكموا بقول معين من التناقض في الأحكام سببه قصور القضاة واختلاف الأقوال في المصادر الفقهية التي يرجعون إليها في أحكامهم، فنشأ من هذا الاضطراب في الأحكام، والريبة، والاتهام باتباع الهوى، والانصراف عن المحاكم الشرعية، وعلى هذا قيل: إن طريق الخلاص من هذه المشاكل إلزام القضاة الحكم بأقوال معينة راجحة تختارها جماعة كبار العلماء وتقدمها منظمة بعبارة سهلة معها أدلتها ولائحة تفسيرها وأمثلة فرضية أو مأخوذة من الواقع يسهل تطبيقها، ولا يلزم مما ذكر التقنين الوضعي ولا إغلاق باب الاجتهاد في وجوه الأقوياء من القضاة، بل إذا رأوا رجحان قول يخالف ما قد اختير لهم عرض على هيئة كبار العلماء فإن أيدوه جعلوه بدلا مما اختير من قبل وإلا مضوا على ما كان.