للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الأولى: السجود عند حدوث نعمة خاصة:

اختلف أهل العلم في سجود الشكر هل يستحب عند حدوث نعمة خاصة به أو اندفاع نقمة عنه، كأن يرزقه الله ولدا أو يجد ضالته أو ينجيه الله من هلكة ونحو ذلك، أم أنه لا يسجد إلا عند حدوث نعمة عامة للمسلمين، اختلفوا في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه يستحب السجود لذلك، وبهذا قال الإمام الشافعي وأصحابه (١) والإمام أحمد وأكثر أصحابه، وهو الصحيح من مذهبه (٢)، وقال به بعض الحنفية (٣).

ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي:

الدليل الأول: ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه سجد شكرا لما بشر بتوبة الله عليه (٤)، وكان سجوده في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن ينزل عليه، فدل ذلك على مشروعية السجود عند حدوث نعمة خاصة.

الدليل الثاني: ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا قال: «مر رجل بجمجمة إنسان، فحدث نفسه فخر ساجدا (٥)». . .

الدليل الثالث: ما روي عن ابن عمر وعرفجة رضي الله عنهم «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به رجل به زمانة فنزل وسجد (٦)»

وجه الاستدلال بهذه الأحاديث: أن السجود عند رؤية المبتلى سجود لأمر يخص الساجد (٧)، حيث إنه يسجد شكرا لله الذي عافاه مما أصاب هذا المبتلى.


(١) المجموع ٤/ ٦٨، وانظر دليل الفالحين ٣/ ٦٤٣.
(٢) المبدع ٢/ ٣٤، الإنصاف ٢/ ٢٠٠.
(٣) الفتاوى الهندية ١/ ١٢٧، حاشية الطحطاوي على الدر ١/ ٣٢٩.
(٤) سبق تخريجه
(٥) سبق تخرج هذه الحديث.
(٦) سبق تخرج هذا الحديث.
(٧) الفروع ١/ ٥٠٥، الإنصاف ٢/ ٢٠١.