للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني: تنظيم المكتبة:

كانت مكتبة الأمويين في قرطبة دارا علمية بمعنى الكلمة، فلم تكن مجرد دار لخزن الكتب وفهرستها على نحو ما هو مألوف الآن فقط، وإنما نظمت تنظيما دقيقا لتوفر الغاية المرجوة منها، وقد أقيمت هذه المكتبة بقصر الخلافة في قرطبة (١). وإن كانت المصادر التي وقعت بين أيدينا لم تمدنا بمعلومات وافية عن وصف بناء المكتبة، إلا أنه من المرجح أن بناءها قد لقي عناية فائقة من الناصر الذي عني بقصر قرطبة عناية عظيمة، حتى قيل إنه لم يبق فيه (بنية إلا وله فيها أثر محدث إما بتجديد أو بتزييد) (٢) وحسبك ببناء يتسع لأربعمائة ألف كتاب فكيف يكون اتساعه وعدد حجراته؟ لقد كانت عدد غرف مكتبة الخلفاء الفاطميين أربعين غرفة في قصورهم الداخلية (٣) فمن المحتمل أن تكون عدد غرف مكتبة الأمويين في قصر الخلافة مساويا له إن لم يفقه عددا، وقد زودت بالبسط والسجاجيد والستائر والمقاعد، ونظمت حجراتها على نحو يكفل الراحة لروادها، فكانت هناك غرفا للمطالعة وأخرى من أجل المناظرات والاجتماعات والبحث، ومخازن خاصة لخزن الكتب قد أعدت إعدادا خاصا، ونوعا آخر من الغرف تضم الهيئات العاملة في المكتبة عن النساخين والرسامين والخطاطين والمترجمين والمدققين. وغيرهم، وقد زودت هذه الحجرات بما يلزم العاملين من أحبار وأوراق وأدوات كتابية وأصماغ وأصباغ. ولعل في وصف المقري لمكتبة الحكم وإن كان مختصرا ما يعضد وصفنا لها: " وقد جمع في قصره الحذاق في صناعة النسخ والمهرة في الضبط والإجادة في التجليد فأوعى في ذلك كله. . " (٤) وسوف نقوم الآن بوصف سريع لأهم أقسام المكتبة لنقف على كيفية إعداد الكتب فيها.


(١) أحمد فكري. قرطبة في العصر الإسلامي ط ١٩٨٣ ص ١٧٩.
(٢) أحمد فكري. قرطبة في العصر الإسلامي ط ١٩٨٣ ص ١٧٩.
(٣) محمد ماهر حمادة. المكتبات في الإسلام ط ثانية ١٩٧٨ ص ١٤٨.
(٤) نفح الطيب جـ ١ ص ٣٨٦.