للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الرابع والعشرون: المعاصي من أمر الجاهلية

قال البخاري: المعاصي من أمر الجاهلية. ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنك امرؤ فيك جاهلية (١)» وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٢) وأخرج بسنده من حديث المعرور قال: «لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية. إخوانكم خولكم. جعلهم الله تحت أيديكم. فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم (٣)».

قال ابن حجر:. . . كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية، والشرك أكبر المعاصي. . .

وأما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك لا يخرج عن الإيمان بها سواء كانت من الصغائر أم من الكبائر، وهو واضح. . . واستدل أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر فيك جاهلية أي


(١) صحيح البخاري الأشربة (٥٥٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢١٧).
(٢) سورة النساء الآية ٤٨
(٣) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية (فتح الباري ج١ ص ٨٤).