للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبهة الخامسة:

قوله تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (١). وجه الاستدلال: قالوا: هذه الآية صريحة في أن ماهية العذاب مختصة بمن كذب بالله تعالى وكان موليا عن دينه. ومن لم يكن مكذبا بالله تعالى ولا متوليا عن دينه لم يكن للعذاب به تعلق (٢). ومرتكب الكبيرة ليس مكذبا ولا متوليا عن دين الله؛ إذا ليس للعذاب به تعلق.

الجواب: نقول: الآية تؤكد بأن الكافر المكذب المتولي هو المخصص بالعذاب الأبدي، وهذا لا يمنع من حصول بعض العذاب لمن ارتكب كبيرة أو ذنبا (٣)، ثم إن عذاب الله لمرتكب الكبيرة إنما هو تطهير ولبعض مرتكبي الكبائر حسب إرادة الله ومشيئته.

وعليه فكلمة العذاب بمعناها الحقيقي لا تشمل ما يحصل لبعض مرتكبي الكبائر من تطهير، وإذا لم تشمله لم يبق في هذه الآية دلالة على عدم دخول مرتكبي الكبائر في النار، والله أعلم.


(١) سورة طه الآية ٤٨
(٢) الأربعين للرازي صـ ٢٠٨.
(٣) انظر: فتح القدير جـ ٣ صـ ٣٦٨ - والتفسير الكبير جـ ٢٢ صـ ٦٢. وتفسير القرطبي جـ ١١ صـ ٢٠٤.