للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الماتريدية]

يرى الماتريدية: أن أفعال الله -تعالى- معللة بمصالح العباد، ويخالفون المعتزلة بأن الأصلح غير واجب عليه -تعالى- وإنما هو التفضل منه جل شأنه والإحسان (١).

ويشددون النكير على من لا يقولون بذلك، يقول صاحب التلويح: (وما أبعد من الحق قول من قال: إنها غير معللة بها، فإن بعثة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لاهتداء الخلق، وإظهار المعجزات لتصديقهم، فمن أنكر التعليل فقد أنكر النبوة، وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (٢) وقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} (٣)، وأمثال ذلك كثيرة في القرآن ودالة على ما قلنا.

وأيضا: لو لم يفعل لغرض -أصلا-: يلزم العبث) (٤).

ويرد حجة المانعين للتعليل تنزيها له -سبحانه- عن الغرض بأن الغرض عائد إلى العبد لتحقيق نفعه، أو لدفع الضر عنه، ولذلك فإن المحذور الذي يخافون الوقوع به من القول بالتعليل غير وارد: فالعبد هو المستكمل بالغرض لا الباري جل شأنه (٥). وذلك لإجماع العقلاء على أن ما عدا الواجب -جل شأنه- لا يصلح أن يكون مصدرا لآثار البرهان القطعي الدال على ذلك، فتوقف التأثير في المعلولات على العلل شرعية كانت أو عقلية لنقص في المعلولات لا لعجز في الواجب جل شأنه، فمنفعة تعليل الأحكام بمصالح العباد ترجع إليهم (٦).


(١) التوضيح: (٢/ ٣٧٤).
(٢) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٣) سورة البينة الآية ٥
(٤) التوضيح: (٢/ ٣٧٤).
(٥) المرجع السابق
(٦) سلم الوصول: (٣/ ٥٥).