للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصية الثالثة: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (١)}

والإملاق: شدة الفقر والفاقة، يقال: أملق الرجل إملاقا، إذا احتاج وافتقر، أي: ولا تقتلوا أولادكم الصغار من أجل الفقر، فنحن قد تكفلنا برزقكم ورزقهم. ومن الجرم الواضح والظلم الفادح الاعتداء على حق هؤلاء الصغار في الحياة، وقد ورد النهي عن قتل الأولاد هنا بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (٢)، وجاء في سورة الإسراء: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} (٣)؛ لأن الحديث هنا في سورة الأنعام عن فقر واقع فعلا، فكأنه سبحانه يقول لهم: لا تقتلوهم لفقر واقع فيكم أيها الآباء، ولذا قال سبحانه: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} (٤) فجعل الرزق للآباء ابتداء؛ لأن الفقر الذي يدفعهم لقتل أولادهم حاصل لهم فعلا، أما في سورة الإسراء فالفقر ليس واقعا، وإنما هو أمر متوقع لذا قال: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (٥) أي: خوفا من فقر متوقع وليس موجودا فعلا، ولكنه متوهم لوجود الأولاد، ولهذا جاء التعبير الإلهي


(١) سورة الأنعام الآية ١٥١
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥١
(٣) سورة الإسراء الآية ٣١
(٤) سورة الإسراء الآية ٣١
(٥) سورة الإسراء الآية ٣١