رأينا أنه في حالة ما إذا كان ارتفاع الإيجارات ناتجا عن جشع أصحاب العقارات وتواطئهم على رفعها، تعين على ولي الأمر تحديد هذه الإيجارات منعا من الاستغلال.
وعند تحديد الإيجارات يجب على ولي الأمر أن يجمع أصحاب الشأن - من مؤجرين ومستأجرين - وأهل الخبرة المختصين بالإسكان ويناقشهم في الأمر، ويعرف منهم أسباب ارتفاع الإيجارات، وما ينفقه أصحاب العقارات على تشييدها من مواد البناء وسعر الأرض، مع مراعاة ما يتمتع به كل عقار من مميزات من حيث الموقع ونوع البناء والمرافق وما إلى ذلك، حتى يتوصل إلى تحديد أسعار للإيجارات ترضي الجميع، فلا يكون فيها ظلم للمستأجر ولا إجحاف بالمؤجر.
ولا بد أن يكون جميع من وكل إليهم النظر في هذا الأمر من أهل التقوى والصلاح حتى يؤمن عليهم من محاباة طرف دون طرف.
ولكن هل يكون الإيجار الذي حدده ولي الأمر لازما ما دام العقار قائما بغض النظر عما يحدث من تغير الظروف وتبدل الأحوال؟
فيما يبدو لنا أنه يجوز رفع قيمة الإيجار إذا تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال، كأن ارتفعت أسعار السلع ارتفاعا كبيرا، وزادت الدخول والمرتبات زيادة ملحوظة، وارتفع مستوى المعيشة مما جعل الإيجار المتفق عليه شيئا ضئيلا لا يتناسب مع مستوى الأسعار العام، مما يجعل المالك يشعر بالظلم والغبن الفاحش.
وهذا بلا شك يتفق مع العدالة الإسلامية والقاعدة الشرعية التي أرساها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا ضرر ولا ضرار (١)».
(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧).