للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القدوة الحسنة والقدوة السيئة]

المعتاد والغالب أن الأبناء والذرية يقتدون بالآباء والمربين والمعلمين، كما حكى الله ذلك عن أهل الجاهلية في مثل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} (١) {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} (٢). وقال تعالى: {مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (٣). وقال تعالى عن قوم إبراهيم: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (٤). وقال تعالى عن قوم هود: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (٥). وغير ذلك من الآيات.

فالآباء قدوة حسنة أو سيئة لأولادهم، والاقتداء هو التقليد والاتباع، والتمسك بما عليه الأسلاف من عقيدة أو عمل. فالمعتاد أن الأبناء يحسنون الظن بآبائهم، ويتمسكون بما كانوا عليه، ويعتقدونه سفينة النجاة، ففي قصة موت أبي طالب لما قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «قل: لا إله إلا الله. كلمة أحاج لك بها عند الله (٦)» قال له الحاضرون من المشركين: أترغب عن


(١) سورة الصافات الآية ٦٩
(٢) سورة الصافات الآية ٧٠
(٣) سورة الزخرف الآية ٢٣
(٤) سورة الشعراء الآية ٧٤
(٥) سورة الأعراف الآية ٧٠
(٦) أخرجه البخاري في الجنائز برقم ١٣٦٠ وفي تفسير التوبة، ورواه مسلم في الإيمان برقم ٣٩.