للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ - الشهيد

قاتل حمزة حتى مر به سباع بن عبد العزى العبشاني، وكان يكنى بأبي نيار، فقال له حمزة: "هلم إلي يا ابن مقطعة البظور"، وكانت أمه أم أنمار مولاة شريق بن الأخنس بن شريق، وكانت ختانة بمكة، فلما التقيا ضربه حمزة فقتله.

قال وحشي غلام جبير بن مطعم: "والله إني لأنظر إلى حمزة يهد (١) الناس بسيفه ما يليق (٢) به شيئا مثل الجمل الأورق (٣) إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فقال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور، فضربه ضربة، فكأنما أخطأ رأسه (٤). وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت في ثنته (٥)، حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوي، فقلب فوقع، وأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت إلى العسكر، ولم يكن لي بشيء حاجة غيره" (٦).

وكان وحشي غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال جبير لوحشي: "إن قتلت حمزة عم محمد فأنت عتيق"، فخرج وحشي مع الناس. وكان رجلا حبشيا يقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما يخطئ، فلما التقى الجانبان خرج ينظر حمزة، فلما قتل حمزة عاد أدراجه إلى معسكر قريش وقعد فيه؛ إذ لم يكن له بغير حمزة حاجة، وإنما قتله ليعتق، فلما عاد إلى مكة أعتق (٧).


(١) يهد: يهلكهم، ويروى: يهز في ابن الأثير (٢/ ١٥٦) ومعناه: يسرع في قتلهم.
(٢) ما يليق: ما يبقي.
(٣) الأورق: الذي لونه بين الغبرة والسواد.
(٤) فكأنما أخطأ رأسه: هذا عند المبالغة في الإصابة، كذا في الزرقاني على المواهب.
(٥) الثنية. أسفل بطنه. والتة: أسفل البطن.
(٦) سيرة ابن هشام (٣/ ١٥).
(٧) سيرة ابن هشام (٣/ ١٧) والبداية والنهاية.