الخليفة أبو العباس، عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي.
ولد سنة سبعين ومائة.
وقرأ العلم والأدب والأخبار والعقليات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم، وبالغ، وعمل الرصد فوق جبل دمشق، ودعا إلى القول بخلق القرآن وبالغ نسأل الله السلامة.
وسمع من: هشيم، وعبيد بن العوام، ويوسف بن عطية، وأبي معاوية، وطائفة.
روى عنه: ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وعبد الله بن طاهر الأمير، ودعبل الشاعر، وأحمد بن الحارث الشيعي.
وكان من رجال بني العباس حزما وعزما ورأيا وعقلا وهيبة وحلما، ومحاسنه كثيرة في الجملة.
قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض ربعة، حسن الوجه، تعلوه صفرة، قد وخطه الشيب، وكان طويل اللحية، أعين، ضيق الجبين، على خده شامة.
أتته وفاة أبيه وهو بمرو سائرا لغزو ما وراء النهر، فبايع من قبله لأخيه الأمين، ثم جرت بينهما أمور وخطوب وبلاء وحروب تشيب النواصي، إلى أن قتل الأمين، وبايع الناس المأمون في أول سنة ثمان وتسعين ومائة.
قال الخطبي كنيته أبو العباس، فلما استخلف، اكتنى بأبي جعفر، واسم أمه مراجل، ماتت في نفاسها به.
قال: ودعي له بالخلافة في آخر سنة خمس وتسعين، إلى أن قتل الأمين، فاجتمع الناس عليه، فاستعمل على العراق الحسن بن سهل، ثم بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضي، ونوه بذكره، ونبذ السواد، وأبدله بالخضرة فهاجت بنو العباس، وخلعوا المأمون، ثم بايعوا عمه إبراهيم بن المهدي ولقبوه المبارك، وعسكروا، فحاربهم الحسن بن سهل، فهزموه، فتحيز إلى واسط، ثم سار جيش المأمون عليهم حميد الطوسي، وعلي بن هشام، فالتقوا إبراهيم، فهزموه، فاختفى زمانا وانقطع خبره إلى أن ظفر به بعد ثمان سنين، فعفا عنه المأمون.