وكان المأمون عالما فصيحا مفوها، وكان يقول: معاوية بن أبي سفيان بعمره، وعبد الملك بحجاجه، وأنا بنفسي. وقد رويت هذه أن المنصور قالها.
وعن المأمون: أنه تلا في رمضان ثلاثا وثلاثين ختمة.
الحسين بن فهم: حدثنا يحيى بن أكثم: قال لي المأمون: أريد أن أحدث. قلت: ومن أولى بهذا منك؟ قال: ضعوا لي منبرا، ثم صعد.
قال: فأول ما حدثنا عن هشيم، عن أبي الجهم، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار ثم حدث بنحو من ثلاثين حديثا. ونزل، فقال: كيف رأيت أبا يحيى مجلسنا؟ قلت: أجل مجلس، تفقه الخاصة والعامة. قال: ما رأيت له حلاوة، إنما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر.
أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: تقدم رجل غريب بيده محبرة إلى المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، صاحب حديث منقطع به. فقال: ما تحفظ في باب كذا وكذا؟ فلم يذكر شيئا.
فقال: حدثنا هشيم، وحدثنا يحيى، وحدثنا حجاج بن محمد، حتى ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر شيئا. فقال: حدثنا فلان، وحدثنا فلان. ثم قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام، ثم يقول: أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم.
قلت: وكان جوادا ممدحا معطاء، ورد عنه أنه فرق في جلسة ستة وعشرين ألف ألف درهم، وكان يشرب نبيذ الكوفة، وقيل: بل يشرب الخمر -فالله أعلم.