للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب عدم توثيق العلماء القدامى للأحاديث]

وقد يحتج بعض الباحثين بأن العلماء الأوائل في القرون الستة الأولى لم يوثقوا الأحاديث التي يستشهدون بها، لا في كتب الفقه، ولا في التفسير، ولا في غيرها، فلم نلزم نحن ذلك؟ ولماذا يعاب علينا هذا الأمر ولا يعابون؟! مع أننا أقل منهم شأنا وعلما، وما المانع في أن نسير سيرهم، ونحذو حذوهم؟.

وأجيب عن الشطر الأول من السؤال بأنه لم يكن هناك حاجة ماسة إلى التوثيق، كما هي الآن؛ لأن اطلاع السابقين على مصادر السنة كان اطلاعا واسعا، وصلتهم بمصادر الحديث الشريف كانت وثيقة، فعندما يستشهدون بحديث ما، سرعان ما يذكرون موضعه في كتب السنة، بل وفي جزء من أجزاء تلك الكتب، أو يعرفون على الأقل مظانه في المصنفات الحديثية، وهم على علم ودراية بترتيب تلك المصنفات وطريقة تأليفها، لذلك يسهل عليهم الاستفادة منها، والوصول إلى موضوع الحديث بيسر وسهولة (١).

وهناك سبب آخر في إغفال المتقدمين تخريج الحديث وتوثيقه ذكره الحافظ المناوي (٢). نقلا عن الحافظ العراقي، وهو: " أن لا يغفل الناس النظر في كل علم في مظنته ".


(١) أصول التخريج ودراسة الأسانيد ص ١٣ بتصرف.
(٢) فيض القدير للمناوي ١/ ٢١، وأصول التخريج ودراسة الأسانيد ص ١٣ بتصرف.