إن عالما بمثل مكانة ابن تيمية، ومجاهدا بمثل حماسته، لجدير بالدراسة والاهتمام، حتى قيل: إنه لم يتزوج طوال عمره، حيث شغله الدفاع عن دين الإسلام، ودفاع الأعداء المتكالبين على ديار الإسلام، ففي الشرق بعدما زحف التتار على بغداد، وخربوا قاعدة المسلمين العلمية، وانتهت بذلك الدولة العباسية، اتجهوا صوب الشام؛ رغبة في الاستيلاء عليها، ثم الزحف على مصر، وفي الغرب قوى الصليبيين تبذل جهودها للتمكن مرة أخرى من الشام، بعد أن انتصر عليهم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وفي الشمال الدولة العثمانية لم ترسخ أقدامها في بلاد الشام، واتجهت قواها إلى التوسع شرقا وغربا، وفي الجنوب نرى الجزيرة العربية منبع الرسالة قد أغفلت، فدب الجهل في البداوة من جديد، اللهم إلا في الحرمين وبعض الحواضر، حيث يوجد بعض العلماء.
وأما في الوسط حيث يوجد ابن تيمية في الشام، والعز بن عبد السلام في مصر، فإن الحال لم تكن بأحسن من غيرها، حيث دب الوهن في النفوس، وانتشرت البدع، وكثر القائلون بغير علم،. . . في هذه الأجواء المضطربة، والفتن والبدع التي ظهرت، كان لا بد أن يشمر هذا العالم عن ساعديه، ويبذل هذا