للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوليد في المدينة]

قام الوليد بزيارة المدينة، فتلقاه عمر بموكب حافل من وجهاء المدينة وقصد الوليد المسجد ينظر إلى بنائه وتشييده، وكان عمر قد أخلى له المسجد من الناس، ولكنه لم يستطع أن يخليه من الفقيه العالم سعيد بن المسيب الذي أبى الخروج إلا عندما يحين وقت خروجه، وكان يجلس عند المحراب، وكيف يخرج من أجل فرد حتى ولو كان أمير المؤمنين؟ إن نداء الله واجب التلبية على نداء أمير المؤمنين، إذ كان مضى على سعيد تقليد خمسين عاما وعادتها، ولم يناد للصلاة في فريضة مكتوبة إلا وسعيد أسبق الناس إلى المسجد قبل الأذان (١).

وكان عمر يعلم ضغينة الوليد على سعيد؛ لأنه قد امتنع عن المبايعة له بالخلافة حين أمره عبد الملك بذلك، وعذب وضرب ستين جلدة من قبل الوالي، وطيف به على الناس في تبان من صوف وعليه مسوح (٢) وهي ثياب قصيرة.

وحاول عمر أن يعدل بالوليد في ناحية المسجد لئلا يرى سعيدا.

ولكن الوليد التفت وقال:

- من هذا الشيخ؟ أهو سعيد؟

فذهب إليه فقال له:

- كيف أنت أيها الشيخ؟


(١) صفة الصفوة ص ٢ ص ٤٤.
(٢) الطبري ص ٥ ص ٢٠٩.