أما في الحروب الحديثة ابتداء من الحرب العالمية الثانية، فقد أصبحت الحرب إجماعية (وهي الحرب الشاملة أو الحرب الاعتصابية) تحشد لها الأمم طاقاتها المادية والمعنوية، لذلك أصبح الشعب كله - لا الجيش وحده - مسئولا عن إحراز النصر.
إن الحرب الإجماعية، تقتضي زج كل قادر على حمل السلاح في الحرب ودعم المحاربين بكل طاقات الشعب المادية والمعنوية، لذلك كان إعلان الحرب معناه: أن يكون الشعب كله - لا قواته المسلحة وحدها - في الصفوف الأمامية خاصة بعد تطور القوة الجوية، واختراع الأسلحة النووية، فقد أصبح كل مكان في البلاد المحاربة ساحة حرب لا تقل أهمية وخطرا عن الجبهة الأمامية في ميدان القتال.
لذلك أصبحت أهمية المعنويات في الشعب كأهميتها في الجيش سواء بسواء، كما أن الجيش من الشعب، فإذا كانت معنويات الشعب عالية، كانت معنويات الجيش عالية، والعكس صحيح.
من هنا تأتي أهمية المعنويات للشعب كله، وتبرز ضرورة إدانة هذه المعنويات في الشعب والجيش على حد سواء. فما هي المعنويات؟
كان تعريف المعنويات قبل الحرب العالمية الثانية، بأنها الصفات التي تميز الجيش المدرب المنقاد إلى أسس الضبط (الانضباط) عن العصابات المسلحة، وتتجلى بهذه الصفات الطاعة القائمة على الحب، وتنمي الشجاعة وتظهر الصبر على المشاق، وتبدي كل المزايا التي تجعل الجندي مطيعا باسلا صبورا.
وهذا التعريف يشمل الجيش وحده كما ترى، لأن الحروب كانت حروب جيوش لا حروب أمم، كما أصبحت في الوقت الحاضر.
أما تعريف المعنويات اليوم، فهو القوى الكامنة في صلب الإنسان، التي تكسبه القابلية على الاستمرار في العمل، والتفكير بعزم وشجاعة، مهما اختلفت الظروف المحيطة به.
وهذا التعريف يشمل الشعب كله، لا الجيش وحده.
وإذا أردنا إيضاح هذا التعريف وتبسيطه، فيمكن القول بأن الفرد في الشعب، يجب أن يكون شجاعا لا يجبن، عزيزا لا يهون، ثابتا لا يتراجع، صابرا لا ينهار، متفائلا لا يقنط، مستعدا للتضحية بماله وروحه من أجل المثل العليا.