لم يغمض الشاعر الطرف عن الماضي بعد إسلامه، بل كان كثير التغني بمفاخر أهله كلما سنحت له فرصة الفخر وما أكثر ما جمع شعره الإسلامي بين مفاخر الجاهلية والإسلام وهذه أبيات من قصيدة جمعت بين فخره الجاهلي والإسلامي حيث يقول:
فإن تسألي الأقوام عني فإني ... إلى محتد تنمي إليه المحاتد
وجدي خطيب الناس يوم سميحة ... وعمي ابن هند مطعم الطير خالد
ومنا قتيل الشعب أوس بن ثابت ... شهيدا وأسنى الذكر مني المشاهد
وفي كل دار ربة خزرجية ... وأوسية لي في ذراهن والد
كشف حسان في هذه الأبيات عن أصله العظيم الذي ينتمي إليه، وعنى بجده الذي خطب الناس يوم سميحة (وهو يوم من الأيام التي دارت بين الأوس والخزرج، وفني فيه من فني، ثم تداعوا إلى الصلح، وحكموا المنذر بن حرام جد حسان أو ثابت بن المنذر والده فقضى بينهم وتعاهدوا وكان الفضل في ذلك الصلح الذي حقن الدماء لتلك الخطبة التي خطبها في الحيين، وأما عمه ابن هند مطعم الطير فهو خالد بن زيد بن كليب وكان ينحر الإبل للأضياف فيأكل منها الناس والطير، وأما قتيل الشعب فهو أوس بن ثابت أخو حسان وقد قتل يوم أحد وقصد بالمشاهد مشاهد الحروب، ثم بين أن كل دار جامعة سواء أكانت دارا أوسية أم خزرجية له في أعالي تلك الدار أصل.
وكم سجل حسان للأجيال مكارم قومه في الجاهلية فهم أولاد عمرو بن عامر وهم الملوك وأبناء الملوك
كجفنة والتمتام عمرو بن عامر ... وأولاد ماء المزن وابني محرق
وحارثة الغطريف أو كابن منذر ... ومثل أبي قابوس رب الخورنق