لما كان أسامة، على الأرجح، عندما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما- فإننا ندرك من منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجازة شباب الصحابة للحرب، حيث كان يمتحنهم، ولا يأذن لمن لم يبلغ الحلم منهم، أن أسامة لم يجز قبل الرابعة عشرة من عمره على أي حال، وهي السن التي زوجه فيه النبي الكريم لما بلغ.
وعلى هذا نستنتج أنه لم يشارك في الجهاد قبل السنة السادسة من الهجرة، ومع هذا لم يتضح لنا تحديد عن الغزوات التي شارك فيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن نجابته قد برزت في وقت مبكر، وفراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، ودعواته له- قد أحلاه في مقتبل العمر مكانا بارزا، ومنزلة مرموقة، فقد كان مع والده عام ٨ هـ في غزوة مؤتة في بلاد الشام؛ حيث روى ابن سعد، عن ابن أبي حازم «أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن الراية صارت إلى خالد بن الوليد، بعد قتل القواد الثلاثة، قال صلى الله عليه وسلم: فهلا إلى رجل قتل أبوه، يعني أسامة بن زيد (١)» ورأى بعضهم أن أول ما جر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال، أن بعثه على جيش - لم يحدد ابن سعد جهته، ولا اسم المعركة - فلقي فقاتل فذكر منه بأس، مما يدل على شجاعة وحماسة، قال أسامة: «فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتاه البشير بالفتح، فإذا هو متهلهل وجهه، فأدناني منه، ثم قال: حدثني.