الحمد لله رب العالمين، جعل في الحلال غنية عن الحرام، وحرم الخبائث لما في تناولها من الضرر البالغ على الأخلاق والأجسام، وصلى الله على نبينا محمد، القائل: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام (١)» وبعد: فهذا بحث مختصر يتناول جانبا مما حرم الله التغذي به؛ لما فيه من الأضرار والمفاسد ألا وهو الميتة، وهذا البحث يشتمل على مسائل:
المسألة الأولى: في تعريف الميتة وبيان الحكمة في تحريمها والرد على من استباحها من المشركين وغيرهم.
المسألة الثانية: في بيان ما يستثنى من الميتة مما يجوز أكله منها مع الاستدلال.
المسألة الثالثة: في بيان حكم ما ذكي بعد قيام سبب الموت به من المنخنقة والموقوذة إلخ مع الاستدلال والترجيح.
المسألة الرابعة: في بيان حكم أكل ما أهل به لغير الله.
المسألة الأولى: في تعريف الميتة وبيان الحكمة في تحريمها والرد على من استباحها من المشركين وغيرهم:
تعريف الميتة: هي ما فارقته الروح بغير ذكاة شرعية بأن يموت حتف أنفه
(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٤٥٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٢٩)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١).