الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويدلون من ضل منهم إلى الهدى، ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين (١)، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمما لا شك فيه أن لعلماء الشريعة القدح المعلى من المنازل، والدور المجلى في الأمة، لا سيما في المستجدات والنوازل، خاصة إذا بلغ العالم مرتبة الفتوى، لما للفتوى من مكانة عظمى ومنزلة كبرى في هذا الدين، ويكفي أن مقام المفتين هو التوقيع عن رب العالمين، وفي ذلك من التشريف والتكليف ما لا يخفى، يقول الإمام العلامة ابن قيم الجوزية: «إذا كان منصب التوقيع عن الملوك
(١) من مقدمة كتاب الإمام أحمد – رحمه الله – في الرد على الجهمية والزنادقة.