إن الإسلام في توكيده على عمران المساجد إنما يستهدف من ذلك توفير وسائل التوعية الدائمة التي لا مندوحة عنها لإقامة المجتمع الصالح. . . المجتمع الذي يعرف كل فرد منه ما له وما عليه، ذلك لأن الجماعة المسلمة هي المادة التي منها تتكون دولة الإسلام، وهي القاعدة التي عليها ترتكز، وإذا كانت وظيفة المجتمع المسلم - شعبا ودولة - هي تبليغ رسالة الله وإقامة الحكم الأفضل؛ فطبيعي أن يجد هذا المجتمع من الرعاية والحرية ما يمكنه من تحقيق واجبه في الاستعداد للنهوض بأعباء هذه الرسالة في نفسه أولا، ثم في أوساط الشعوب الأخرى.
ولكن المسجد أوشك أن يفقد سلطانه على النفوس بعد هذا التطور التي سلخته من معظم مقوماته، وسلطت عليه من لا يؤمن برسالته، فهو اليوم في جل ديار المسلمين أداة شلاء لا يكاد يؤدي أي وظيفة اجتماعية هادفة، بل لا نغالي إذا قلنا إنه - بما يعتوره من المعوقات المختلفة - لا يزيد الواقع الاجتماعي إلا بلبلة واضطرابا.