للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الشبهة الأخيرة: فقولهم بقسوة الحدود

وقولهم هذا كقول من شاهد قاتلا يدفع ضحيته بعنف فراح يلوم الضحية على هذا العنف وترك القاتل بغير مساءلة ولا عتاب!!!.

نعم. . ينظرون إلى الحدود ولا ينظرون إلى الجرائم.

ينظرون إلى المجرمين نظرة العطف ولا ينظرون إلى الضحايا نفس النظرة.

والمجرم في الحد قد يكون واحدا، أما الضحية فهو أكثر من واحد. إنه " العفة " و "الفضيلة " و " الشرف " و " الأخلاق " و " الحياة ". إنه المجتمع كله {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (١) إن المجرم بمقارفته للحد يتحدى المجتمع كله فكيف يصبر عليه؟ وكيف يعفو عنه؟ ‍‍!

إن الفقه الحديث لم يستطع أن يتسامح في جريمة " الخيانة العظمى " ولا أن يتهاون فيها، وأعطاها أقسى ما عنده من عقاب. فكيف ينكر علينا " الحدود " وجرائمها عندنا خيانة عظمى، انتهاك " للنظام العام " للدولة؟!

والذين ينكرون علينا قطع يد السارق - وهي لا تقطع مع شبهة، كما أن لها ضوابط وأركانا - لم ينكروا على بعض الدول الاشتراكية إعدام السارق. حرموا يده وأحلوا رقبته!! وهكذا يغدو منطقهم متهافتا متهاترا.

هذه بعض الشبهات، أو أهم الشبهات.

يماري بها من كان في عقله جهل أو كان في قلبه مرض.


(١) سورة المائدة الآية ٣٢