للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القضاء بالشريعة بين التوحيد والمتابعة]

ومما سبق يتأكد لنا أن هناك صلة وثيقة، وارتباطا متينا بين العقيدة والشريعة، ذلكم أن الإيمان عقيدة يلتزم المسلم بمقتضاها أن يتبع حكم الله في كل شأن من شئون حياته، وإلا فإن إيمانه خداج، لا يصح ولا يغني عنه شيئا، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (١).

هذه واحدة، والثانية أن المسلم ملزم بمتابعة رسول الإسلام -عليه الصلاة والسلام- فيما أمر به، واجتناب ما عنه نهى وزجر {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) وهذا عام في الأمر والنهي، والوعظ والإرشاد، والحلال والحرام، وكذلك في الحكم والاحتكام، وقد أقسم الله -جل وعلا- في كتابه العزيز بنفسه المقدسة قسما عظيما على نفي الإيمان عمن لا يحتكم إلى الرسول وإلى شرعه بقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣)، والأمر بتحكيم الرسول في كل شاردة وواردة يقتضي الاحتكام إلى شرعه، كما أن الإيمان بالرسول يقتضي متابعته فيما بلغ به عن الله من شرعه، وما أوضحه وبينه في أمره ونهيه. وهذه الآية من الآيات الأخرى التي تجعل من أساسيات الإيمان التحاكم إلى شريعة الله -سبحانه وتعالى-، تلكم الشريعة التي تكفل العدل والخير للبشرية جميعا.


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٢) سورة الحشر الآية ٧
(٣) سورة النساء الآية ٦٥