للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني ما نصه (كتاب قطاع الطريق)

الأصل في حكمهم قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (١) وهذه الآية في قول ابن عباس وكثير من العلماء نزلت في قطاع الطريق من المسلمين، وبه يقول مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وحكي عن ابن عمر أنه قال: نزلت هذه الآية في المرتدين، وحكي ذلك عن الحسن وعطاء وعبد الكريم؛ لأن سبب نزولها قصة العرنيين، وكانوا ارتدوا عن الإسلام وقتلوا الرعاة فاستاقوا إبل الصدقة؛ فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من جاء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وألقاهم في الحرة حتى ماتوا، قال أنس: فأنزل الله تعالى في ذلك: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} (٢) الآية، أخرجه أبو داود والنسائي، ولأن محاربة الله ورسوله إنما تكون من الكفار لا من المسلمين.

ولنا قول الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (٣) والكفار تقبل توبتهم بعد القدرة كما تقبل قبلها، ويسقط عنهم القتل والقطع في كل حال، والمحاربة قد تكون من المسلمين بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٤) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٥).


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣٣
(٣) سورة المائدة الآية ٣٤
(٤) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٥) سورة البقرة الآية ٢٧٩