للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: رأي المرجئة في حكم مرتكب الكبيرة مع المناقشة:

(أ): رأي المرجئة في حكم مرتكب الكبيرة.

اختلف المرجئة في حكم مرتكب الكبيرة، فمنهم من وافق أهل السنة كمرجئة الفقهاء حيث كان إرجاؤهم في تأخير العمل عن الإيمان فقط. يقول ابن تيمية - وهو يتكلم عن العمل هل هو داخل في الإيمان أم لا؟ -: ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء كحماد بن أبي سليمان وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم، متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل، فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض، ومع فعل المحرمات، يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقول الجماعة، ويقولون أيضا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة (١).

ومنهم من خالف أهل السنة، كالمرجئة الغلاة حيث قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة. فمن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وحرم ما حرم الله، وأحل ما أحل الله دخل الجنة ابتداء ولو مات من غير توبة، وإن زنى وسرق وقتل وشرب الخمر وقذف المحصنات وترك الصلاة. . إذا كان مقرا بها لا يضر وقوعه في الكبائر وركوبه الفواحش وتركه الفرائض، وإن فعل ذلك مستحلا كان كافرا بالله وخرج من إيمانه فصار من أهل النار (٢).


(١) الفتاوى جـ ١ صـ ٢٩٧.
(٢) انظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي صـ ٤٣.