للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني. متى يشرع سجود الشكر؟

ذكر كثير من العلماء أنه لا يستحب السجود للنعم المستمرة كنعمة الإسلام، ونعمة العافية، ونعمة الحياة، ونعمة الغنى عن الناس، لأن نعم الله دائمة لا تنقطع، فلو سجد لذلك لاستغرق عمره في السجود، وإنما يكون شكر هذه النعم بالطاعات والعبادات (١).

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: " فإن قلت: نعم الله على عباده لا تزال واردة عليه في كل لحظة؟ قلت: المراد النعم المتجددة التي يمكن وصولها ويمكن عدم وصولها، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد إلا عند تجدد تلك النعم مع استمرار نعم الله سبحانه وتعالى عليه وتجددها في كل وقت " (٢).

وقد اتفق القائلون بمشروعية سجود الشكر على أنه يستحب السجود عند مفاجأة نعمة عامة لها شأن، وعند اندفاع بلية عامة من حيث لا يحتسب.

فمثال النعمة العامة انتصار المسلمين على عدوهم، ومثال اندفاع بلية عامة رجوع عدو أراد أن يداهم بلاد المسلمين، أو انقطاع وباء خطير تفشى في بلاد المسلمين.

واختلف العلماء بعد ذلك في بعض الحالات هل يستحب فيها سجود الشكر أم لا؟ وسنتكلم على هذه الحالات في المسائل الآتية:


(١) إعلام الموقعين ٢/ ٤١٠، الإحكام للشيح عبد الرحمن بن قاسم ١/ ٣٣١.
(٢) البحر الزخار ١/ ٢٨٦.