حرّان: .. وقال أبو عون في زيجه طول حران سبع وسبعون درجة وعرضها سبع وثلاثون درجة وهي: مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور وهي قصبة ديار مضر بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان، وهي على طريق الموصل والشام والروم. قيل: سميت بهاران أخي إبراهيم عليه السلام لأنه أول من بناها فعربت فقيل: حران.
وذكر قوم أنها أول مدينة بنيت على الأرض بعد الطوفان، وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل. وقال المفسرون في قوله تعالى:{إني مهاجر إلى ربي} العنكبوت: إنه أراد حران، وقالوا في قوله تعالى:{ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فها للعالمين} الأنبياء: هي حران. وقول سديف بن ميمون:
قد كنت أحسبني جلدا فضعضعني قبر بحران فيه عصمة الدين
يريد إبراهيم بن الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان مروان بن محمد حبسه بحران حتى مات بها بعد شهرين في الطاعون، وقيل: بل قتل وذلك في سنة ٢٣٢.
حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد السرخسي النحوي، قال: حدثني ابن النبيه الشاعر المصري، قال: مررت مع الملك الأشرف ابن العادل بن أيوب في يوم شديد الحر بظاهر حران على مقابرها ولها أهداف طوال على حجارة كأنها الرجال القيام، وقال لي الأشرف: بأي شيء تشبه هذه؟ فقلت ارتجالا:
هواء حرانكم غليط مكدر مفرط الحرارة
كأن أجداثها جحيم وقودها الناس والحجاره
وفتحت في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد عياض بن غنم، نزل عليها قبل الرها فخرج إليه مقدموها فقالوا له: ليس بنا امتناع عليكم ولكنا نسألكم أن تمضوا إلى الرها، فمهما دخل فيها أهل الرها فعلينا مثله، فأجابهم عياض إلى ذلك، ونزل على الرها وصالحهم كما نذكره في الرها، فصالح أهل حران على مثاله.