للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل دين عقيدة ومنهج حياة]

فظهر بذلك أن كل دين من عند الله تعالى يتضمن جانبين اثنين: العقيدة والشريعة، إذ أن طبيعة الدين، أي دين، أن يتضمن تنظيما لحياة الناس بالتشريع وألا يقتصر على الجانب العقدي أو التهذيبي الأخلاقي، ولا على المشاعر الوجدانية وحدها، ولا على العبادات والشعائر وحدها كذلك، فهذا لا يكون دينا، فما الدين إلا منهج الحياة الذي أراده الله للبشر، ونظام الحياة الذي يربط حياة الناس بمنهج الله، ولا يمكن أن ينفك عنصر العقيدة الإيمانية عن الشعائر التعبدية عن القيم الخلقية عن الشعائر التنظيمية في أي دين يريد أن يصرف حياة الناس وفق المنهج الإلهي، وأي انفصال لهذه المقومات يبطل عمل الدين قي النفوس وفي الحياة ويخالف مفهوم الدين وطبيعته، كما أراده الله سبحانه.

وإذا كانت العقيدة - كما سبق- واحدة لا تختلف فإن الشريعة لكل قوم مباينة لغيرها من الشرائع، وبكلا الجانبين جاءت الآيات القرآنية الكريمة ولا تعارض بينها إذ أن كل آية دلت على عدم التباين في الدين فهي دالة على أصول الدين، وأما الآيات الدالة على حصول التباين فمحمولة على الفروع وما يتعلق بظواهر العبادات، فجائز أن يتعبد الله عباده في كل وقت بما يشاء (١).


(١) تفسير الخازن ٢/ ٥٠ - انظر: الفخر الرازي ١٢/ ١٤، فتح الباري ١٥/ ٤٩، شرح الطحاوبة ٤٦٤ وما بعدها.