ويقول الشيخ ولي الله الدهلوي: إن أصل الدين واحد اتفق عليه الأنبياء عليهم السلام، وإنما الاختلاف في الشرائع والمناهج، تفصيل ذلك: أن الأنبياء عليهم السلام أجمعوا على توحيد الله تعالى: عبادة واستعانة، وتنزيهه عما لا يليق بجنابه، وتحريم الإلحاد في أسمائه، وأن حق الله على عباده أن يعظموه تعظيما لا يشوبه تفريط، وأن يسلموا وجوههم وقلوبهم إليه، وأن يتقربوا بشعائر الله إلى الله، وأنه قدر جميع الحوادث قبل أن يخلقها، وأن لله ملائكة لا يعصون الله فيما أمر ويفعلون ما يؤمرون، وأنه ينزل الكتاب على من يشاء من عباده، ويفرض طاعته على الناس. . . فهذا أصل الدين، ولذلك لم يبحث القرآن العظيم عن ملية هذه الأشياء، إلا ما شاء الله، فإنها كانت مسلمة فيمن نزل القرآن بألسنتهم، وإنما الاختلاف في صور هذه الأمور وأشباهها، فكان في شريعة موسى عليه السلام الرجم فقط، وجاءت شريعتنا بالرجم للمحصن والجلد لغيره، وجاء في شريعة موسى عليه السلام القصاص فقط، وجاءت شريعتنا بالقصاص والدية جميعا، وعلى ذلك اختلافهم في أوقات الطاعات وآدابها وأركانها.
وبالجملة: فالأوضاع الخاصة التي مهدت وبينت بها أنواع البر والارتفاقات هي الشرعة والمنهاج (١).