الإمام العلامة، فقيه المغرب، أبو سعيد، عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي، الحمصي الأصل، المغربي القيرواني المالكي، قاضي القيروان وصاحب " المدونة "، ويلقب بسحنون ارتحل وحج.
وسمع من: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ووكيع بن الجراح، وأشهب، وطائفة.
ولم يتوسع في الحديث كما توسع في الفروع.
لازم ابن وهب، وابن القاسم، وأشهب، حتى صار من نظرائهم. وساد أهل المغرب في تحرير المذهب، وانتهت إليه رئاسة العلم. وعلى قوله المعول بتلك الناحية، وتفقه به عدد كثير. وكان قد تفقه أولا بإفريقية على ابن غانم وغيره. وكان ارتحاله في سنة ثمان وثمانين ومائة، وكان موصوفا بالعقل والديانة التامة والورع، مشهورا بالجود والبذل، وافر الحرمة، عديم النظير.
أخذ عنه: ولده محمد فقيه القيروان، وأصبغ بن خليل القرطبي، وبقي بن مخلد، وسعيد بن نمر الغافقي الإلبيري الفقيه، وعبد الله بن غافق التونسي، ومحمد بن عبد الله بن عبدوس المغربي، ووهب بن نافع فقيه قرطبة، ويحيى بن القاسم بن هلال الزاهد، ومطرف بن عبد الرحمن المرواني مولاهم، ويحيى بن عمر الكناني الأندلسي، وعيسى بن مسكين، وحمديس، وابن مغيث، وابن الحداد، وعدد كثير من الفقهاء. فعن أشهب قال: ما قدم علينا أحد مثل سحنون. وعن يونس بن عبد الأعلى قال: سحنون سيد أهل المغرب.
وروي عن ابن عجلان الأندلسي قال: ما بورك لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه ما بورك لسحنون في أصحابه. فإنهم كانوا في كل بلد أئمة.
وروي عن سحنون قال: من لم يعمل بعلمه، لم ينفعه علمه، بل يضره.
وقال سحنون: إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام متوالية بلا حاجة، فينبغي أن لا تقبل شهادته.