انطلاقا من هذا الإيضاح لمفهوم النحلة والأمة. يتبين أن الإسلام ليس بتلك النحلة الضيقة وأهل الإسلام ليسوا بتلك الأمة المنحصرة في نفسها، وبناء عليه، فإن الجهاد مشروع لنشر الحق وليدخل الناس في الإسلام كافة.
وفي هذا الصدد يحسن التنبيه إلى أن المصطلح الإسلامي هو " الجهاد" وليس الحرب أو القتال.
فلفظ الحرب غالبا ما يراد بها القتال الذي يشب لهيبه وتستعر ناره بين الرجال والأحزاب والشعوب لمآرب شخصية وأغراض ذاتية وأهداف مادية، والقتال المشروع في الإسلام ليس من هذا القبيل وليس لهذه الأغراض ولا لتلك الأهداف.
الإسلام لا ينظر إلى مصلحة أمة دون أمة ولا يقصد إلى النهوض بشعب دون شعب ولا يهمه في قليل ولا كثير أن يتملك أرضا ويستولي عليها هذا القائد أو ذاك، ولكن المقصود هو سعادة البشر وفلاحهم، فكل توجه غير هذا وكل أهداف سوى هذا فلا اعتبار له في الإسلام، بل لا بد من مقاومتها حتى يكون الدين كله لله والأرض كلها لله ويرثها الصالحون من عباد الله. والجهاد الإسلامي يتوجه من أجل ذلك كله لا لتستبد أمة بالخيرات أو ينفرد شعب بالثروات، بل ليتمتع الجنس البشري كله بأجمعه بالسعادة البشرية تحت راية الإسلام.
ومن هنا فتستخدم القوى والوسائل لتحقيق ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ثم الجهاد بمعناه العميق.
بعد هذا الإيضاح لمعنى الجهاد وسر اختيار هذه الكلمة على غيرها من مرادفاتها والتي تعني بذل الجهد والطاقة لا بد من التنبيه إلى كلمة لصيقة بها في المصطلح الإسلامي ألا وهي عبارة "في سبيل الله ".