ما يريد سواء في ذلك القوة الفكرية أو القوة العلمية أو القوة المادية. فالبدن القوي والرأي القوي والشخصية القوية كلها صفات مستحبة. ومعلوم أن وجه الاستحباب والاستحسان إذا كان في طرق الخير ووجوه المنفعة للنفس والناس أجمعين.
والدولة القوية تحفظ مهابتها ما دامت هذه الصفة ملازمة لها.
وهذه سنة إلهية من السنن التي تبنى عليها الحياة فلا خير في حق لا نفاذ له ولا يقوم حق ما لم تسانده قوة تحفظه وتحيط به.
وما فتئت أمم الدنيا ودولها تعد لنفسها القوة بمختلف الأساليب والأنواع حسب ظروف الزمان والمكان وعصرنا الحاضر تفتقت أذهان أبنائه عن أنواع من القوى وأساليب من الاستعداد فاقت كل تصور هذه مقدمة في القوة وأهميتها.
ومقدمة أخرى تتعلق بطبيعة الإسلام وأهله. أما الإسلام فيخطئ غير المسلمين ومنهم النصارى والغربيون من بعدهم حين يظنون أن الإسلام ملة مقصورة على مجموعة من العقائد الغيبية والشعائر التعبدية، مما يجعل الإسلام في مفهومهم لا يعدو أن يكون مسألة شخصية يختار الإنسان لنفسه ما شاء من عقيدة وديانة يعبد ربه بأي طريق رضيها لنفسه لا يعدو الأمر عندهم غير ذلك، ولكن الإسلام في معناه ومرماه غير ذلك، فهو اعتقاد صحيح في القلب إيمان بالله الواحد لا يستحق العبادة سواه موصوف بصفات الكمال منزه عن كل عيب ونقص وهو إلى جانب ذلك شريعة حاكمة شاملة لكل ما يحتاجه البشر في نفسه ومجتمعه في سلمه وحربه، في تعامله مع أهله والقريب والبعيد والعدو والصديق، في شرائع وأحكام وآداب تشمل النظم السياسية والاجتماعية والخلقية والاقتصادية وسائر شئون الدنيا.
وأما أهل الإسلام فليسوا أمة على المعنى المصطلح عندهم والذي يعني طائفة من الناس توافقت فيما بينها وتألفت في خصائص معينة، ولكن أمة الإسلام تضم كل من اعتنق الدين من أي جنس أو لون أو قطر في الشرق وفي الغرب.