لم تكن لغة العرب ضيقة التعبير عن المعنى المراد، وإنما كانت واسعة الدائرة في ذلك، إذ لدى العرب القدرة على التعبير عن المعنى الواحد بأساليب متعددة، وألفاظ مختلفة حسب ما يقتضيه حال المخاطب والسامع، وبذلك يمكن فهم المعنى المراد عند المخاطبين بصورة كاملة، مهما اختلفت ظروفهم، وأصنافهم، وتعددت مستوياتهم الفكرية.
هذا وإن القرآن قد نزل بلغة العرب الذين اشتهروا بقوة الفصاحة والبلاغة، فأعجزهم فصاحته وبيانه المعجز، وبلاغته التي تقاصرت دونها بلاغتهم فأدهشهم فصاحته وبيانه وأعجزهم بلاغته التي لم تطاول إليها بلاغتهم إذ كان أوسع دائرة في أسلوبه، وأدق معنى في تعبيره، وأكثر استعمالا للألفاظ الدالة على المعنى الواحد، وأفضل صياغة للفظ الواحد الدال على المعاني المتعددة بما أصبح يعرف بالوجوه والنظائر في القرآن الكريم.
لذلك اعتنى العلماء المتخصصون بعلوم القرآن الكريم بهذا الجانب بعناية خاصة، وذلك لأهميته وخطره، إذ به تتسع قاعدة المفاهيم الإسلامية، وتصل إلى البعيد والقريب والعالي والداني.
فكان منهم من جمع آيات القرآن الكريم التي اشتملت جميعها على لفظ معين يدل كل مجموعة منها على معنى واحد من المعاني يختلف فيه عن المجموعة الأخرى.