الخلق في ضرورة إلى التوحيد لا تستقيم حياتهم إلا به، ومن كانت ضرورته لشيء تعلقت حاجته به فإنه يهتم له وبه أعلى الاهتمام، فليس أهم مما تضطر إليه حياتك؛ ولذا فإن العلم بالضروري والبحث فيه وتقليب النظر فيه من مهمات حياتك بل من ضروراتها؛ ولذا فإن دراسة التوحيد ضرورة للعبد لضرورته إلى التوحيد. وهذان مطلبان معقودان لبيان وجه ضرورة الخلق إلى التوحيد.
المطلب الأول: فطرية التأله:
المقصود بالتأله التدين لإله بتعلق القلب وتوجهه إليه حبا ورجاء وخوفا، والتأله هو الغذاء الفطري الغريزي للروح ترجو به السكينة والطمأنينة وتطلب اللذة والسعادة، ذلك أن العبد مخلوق محدث لم يحدث نفسه ولم يحدث من غير شيء، فهو في أصله ليس فيه القدرة على إيجاد نفسه، وهو أيضا لا قدرة له أن يستقل بإحداث شيء لنفسه بعد وجوده، فلا قدرة له على إيجاد هواء ولا ماء ولا غذاء ولا نحوه مما يقوم به جنسه، ولا قدرة له على إيجاد حجارة ونحوها مما يحتاجه