للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمأواه، ولا قدرة له على إيجاد دابة له ونحوها مما يحتاجه لمركبه، وهو أيضا لا يملك علما بغده ولا قدرة له لإحداث غد ولا قدرة مستقلة لإجراء مقادير غده، وهكذا فهو في حاجة دائمة لا مقطوعة ولا ممنوعة لمن يوجده ويدبره، وهذا ضعف بين فيه، وهذا يجعله قلقا مضطربا مهموما منهمكا، وإنما يسكن ويهدأ ويهنأ ويتقوى من ضعف باللجوء إلى موجده ومدبره والتعلق به، والروح غذاؤها فيما يقويها، ولذلك كان التأله فطرة الخلق لا تنفك عنهم أبدا، فإن سلمت فطرته رشد تألهه فتدين للإله الحق، وإن مرضت فطرته ضل تألهه فتدين لمن يظن فيه قوته ويغتر بنفع يظنه يأتيه منه.

والعبد لا ينفك من العبودية، إن لم يعبد الله عبد غيره ولا بد، يقول ابن تيمية رحمه الله: " وكل من استكبر عن عبادة الله لا بد أن يعبد غيره، فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أصدق الأسماء: حارث وهمام (١)» فالحارث: الكاسب الفاعل، والهمام: فعال من الهم، والهم أول الإرادة، فالإنسان له إرادة دائما وكل إرادة فلا بد لها من مراد تنتهي إليه، فلا بد لكل عبد


(١) ليس هذا في الصحيح بل هو من حديث ضعيف بلفظ " وأصدقها. . . " أخرجه أحمد ٣١/ ٣٧٧ رقم ١٩٠٣٢، وأبو داود ٤/ ٢٨٨ رقم ٤٩٥٠، وانظر ضعيف النسائي للألباني ص ١٢٩ رقم ٢٣٣.