كان أبو داود رجلا كبيرا ذا خلق كريم. كان صالحا عابدا ورعا، وكان ذكيا مجدا دؤوبا كثير الاحتمال لمشاق الارتحال وطلب العلم، وكان يقظا شديد الانتباه يعرف الناس على حقيقتهم ولا تنطلي عليه وسائل الخداع، وكان أبيا كريم النفس، وكان جريئا في الحق أمينا على رسالة العلم قائما بحق الدين. وسأورد فيما يلي أخبارا تدل على صراحته في الحق وجرأته في قوله، لا يخاف في ذلك لومة لائم، وسيمر بنا أيضا في دراسة " السنن " أمثلة عديدة على ذلك في موضوع جرح الرجال.
وقد خصصت هذا الخلق بالبيان لأنه الخلق الذي أعتقد أنه من أهم صفات العلماء، ولأن الناس يعانون الكثير من فقد الخلق في حياتهم وعند نفر من العلماء، ويشهدون كم تجر المجاملة التي يتصف بها كثير من الناس من الولايات على الدين والعلم والحق.