للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رأي العلماء في ابن مسعود]

وعرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في ابن مسعود فأقروا له بالإمامة والتقدم.

فقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني جئتك من عند رجل يملي الصحف عن ظهر قلب، ففزع عمر وغضب وقال: ويحك انظر ما تقول؟ قال: ما جئتك إلا بالحق، قال عمر: من هو؟ قال: عبد الله بن مسعود، فقال عمر: ما أعلم أحدا أحق بذلك منه (١). وأقبل ابن مسعود يوما وعمر جالس فقال عمر: كنيف مليء علما (٢).

وسئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن أصحاب رسول الله فقال: عن أيهم تسألون؟ قالوا: أخبرنا عن ابن مسعود، فقال: علم القرآن وعلم السنة ثم انتهى، وكفى به علما (٣).

وقال أبو مسعود البدري الأنصاري: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من ابن مسعود (٤).

وقال أبو موسى الأشعري: لا تسألوني ما دام هذا الحبر - يعني ابن مسعود- فيكم (٥). وعرف ذلك التابعون أيضا.

فهذا مسروق يعتبره أحد اثنين انتهى إليهما علم الصحابة فيقول: شاممت أصحاب محمد فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين، علي وعبد الله بن مسعود (٦). ولعل مسروقا كان يرى أن مدرسة الرأي التي كان عمر بن الخطاب على رأسها هي التي تحمل العلم والفهم الحقيقي لدين الله تعالى وأهدافه ومراميه، وإلا ففي الصحابة فقهاء عظماء أيضا كعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعائشة، وغيرهم.

وهذا إبراهيم النخعي يقول: قرأ عبد الله القرآن على ظهر لسانه (٧) وكان إبراهيم النخعي يفضل قول عبد الله بن مسعود على قول عمر بن الخطاب إذا اختلف في الاجتهاد في مسالة معينة، قال الأعمش: كان النخعي لا يعدل بقول عمر وعبد الله إذا اجتمعا، فإذ اختلفا كان قول عبد الله أعجب إليه لأنه كان ألطف (٨).


(١) حلية الأولياء ١/ ١٢٤.
(٢) حلية الأولياء ١/ ١٢٩ ومسند الإمام أحمد ١/ ٤٢١ وصفة الصفوة ١/ ٤٠١.
(٣) حلية الأولياء ١/ ١٢٩ وصفة الصفوة ١/ ٤٠١.
(٤) أخرجه مسلم في فضائل ابن مسعود، وانظر: إعلام الموقعين ٢/ ٢١٩. .
(٥) حلية الأولياء ١/ ١٢٩ وصفة الصفوة ١/ ٤٠٣.
(٦) إعلام الموقعين ١/ ١٦ وصفة الصفوة ١/ ٤٠٣ وطبقات ابن سعد ٢/ ١١٠
(٧) ابن أبي شيبة ٢/ ١٦٣ ب.
(٨) إعلام الموقعين ١/ ١٧.