[الجنيد]
ابن محمد بن الجنيد النهاوندي، ثم البغدادي القواريري، والده الخزاز.
هو شيخ الصوفية ولد سنة نيف وعشرين ومائتين وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه، ومن الحسن بن عرفة، وصحب أيضا الحارث المحاسبي وأبا حمزة البغدادي، وأتقن العلم، ثم أقبل على شأنه، وتأله وتعبد، ونطق بالحكمة، وقل ما ورى.
حدث عنه: جعفر الخلدي، وأبو محمد الجريري، وأبو بكر الشبلي، ومحمد بن علي بن حبيش، وعبد الواحد بن علوان، وعدة.
قال ابن المنادي: سمع الكثير، وشاهد الصالحين، وأهل المعرفة، ورزق الذكاء وصواب الجواب. لم ير في زمانه مثله في عفة وعزوف عن الدنيا.
قيل لي: إنه قال مرة: كنت أفتي في حلقة أبي ثور الكلبي ولي عشرون سنة.
وقال أحمد بن عطاء: كان الجنيد يفتي في حلقة أبي ثور.
عن الجنيد قال: ما أخرج الله إلى الأرض علما وجعل للخلق إليه سبيلا، إلا وقد جعل لي فيه حظا.
وقيل: إنه كان في سوقه، وورده كل يوم ثلاثمائة ركعة، وكذا كذا ألف تسبيحة.
أبو نعيم: حدثنا علي بن هارون وآخر، قالا: سمعنا الجنيد غير مرة يقول: علمنا مضبوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقه لا يقتدى به.
قال عبد الواحد بن علوان: سمع الجنيد يقول: علمنا -يعني التصوف- مشبك بحديث رسول الله.
وعن أبي العباس بن سريج: أنه تكلم يوما فعجبوا، فقال: ببركة مجالستي لأبي القاسم الجنيد.
وعن أبي القاسم الكعبي أنه قال مرة: رأيت لكم شيخا ببغداد يقال له الجنيد، ما رأت عيناي مثله، كان الكتبة -يعني البلغاء- يحضرونه لألفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدقة معانيه، والمتكلمون لزمام علمه، وكلامه بائن عن فهمهم وعلمهم.
قال الخلدي: لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم وحال غير الجنيد. كانت له حال خطيرة، وعلم غزير، إذا رأيت حاله رجحته على علمه، وإذا تكلم رجحت علمه على حاله.