أما في هذه الأزمنة فقد خفت أو عدمت المشقة التي يلاقيها الأولون، فأولا: بوجود وسائل النقل، وهي السيارات المريحة، والتي تقرب البعيد، بحيث تقطع الفرسخ في بضع دقائق، بدل ما كان يستغرق السير فيه أكثر من ساعة ونصف، فمع توفر هذه الوسائل، وتيسر الحصول عليها لا عذر في ترك الجمعة، ولو شهد العيد، فمن لم يملك السيارة وجدها عند جاره أو قريبه، أو دفع أجرة لركوبه لا تضر باقتصاده غالبا، فمن لم يجد الأجرة، ولم يستطع السير إلى الجامع على قدميه؟ لاستغراقه زمنا كثيرا كساعة ونصف أو أكثر فهو معذور في تركها، ولو في غير يوم العيد كما هو الواقع من الكثير.
وثانيا: ما حصل من تسهيل العلماء في الإذن بتعدد الجوامع، والإكثار منها، فالمدينة النبوية في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين ليس فيها مسجد تقام فيه الجمعة سوى المسجد النبوي، أما الآن فقد توسع الناس وأكثروا من الجوامع، حتى بلغت العشرات هناك، ويقال كذلك في مكة المكرمة، والطائف، وجدة، والرياض، وغيرها، فقد كثرت الجوامع بل وتقاربت، بحيث يسمع بعضهم خطبة الآخر وتكبيراته، فضلا عن الأذان بل تكررت في القرى الصغيرة وملحقات المدن، وإن كان هذا التوسع خلاف المشهور من أقوال العلماء، وخلاف ما شرعت له