للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثالث: افتقار الهبة إلى القبض

الرجوع في عقد الهبة مبني على الوقت الذي تملك فيه الهبة، لهذا كان لا بد من بحث هذه المسألة ليتضح الوقت الذي تملك فيه؛ لأنها متفرعة على افتقار الهبة إلى القبض.

وقبل أن أسوق الخلاف أذكر سبب الخلاف: وهو تعارض القياس مع ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم.

فالقياس هو الأصل في جميع العقود، وهو أن لا قبض مشترط في صحتها، بل يقع العقد تاما دون أن يرتبط بالقبض، وما ورد عن الصحابة هو اعتبار القبض في لزوم الهبة وتمامها وهو إجماع منهم؛ لأنه لم ينقل عنهم خلاف في ذلك (١).

وقد اختلف العلماء في أصل المسألة - دون التفريع فيها- إلى قولين:

أ- القول الأول: أن العقد يثبت بمجرد الهبة، ولا تفتقر إلى قبض، ثم هؤلاء منهم من يرى أن الملك تام بمجرد العقد، وهذا رأي الظاهرية (٢)، ورواية عن الإمام أحمد - رحمه الله- في غير المكيل والموزون (٣).


(١) انظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٣٢٩.
(٢) انظر: المحلى لابن حزم ٩/ ١٢٧.
(٣) المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ١٧/ ١٤، والفروع ٤/ ٦٤١.