سبق أن تحدثت عن تبويب الكتاب وعن عناوينه وعن المنهج الذي انتهجه أبو داود في اختياره وأود فيما يأتي أن أتحدث عن تعليقاته، وهذه الأمور - كما أسلفت - هي التي تمثل جهد المؤلف وعلمه. ويحسن أن أبادر إلى بيان أني لا أعني بالتعليقات هنا المصطلح الحديثي لها وإنما أريد بها ما يورد أبو داود من كلام له علاقة بالحديث.
مواضعها ومقدارها:
- أما مواضعها فهي إما أن تكون خلال إيراده الحديث، ومن ذلك الحديث رقم ٩٨٠ فقد مر رجل اشتهر أبوه بحادثة مهمة فعرف بأبيه حرصا على الفائدة:(حدثنا القعنبي عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد - وعبد الله بن زيد هو الذي أري النداء بالصلاة - أخبره عن أبي مسعود. . .)(١) فالتعليق هنا كان في جملة اعتراضية حرصا على إفادة القارئ والسامع. وقد يعترض بجملة معترضة ليزيل الالتباس، كما لو جاء أحد الرواة كنية فيذكر لنا اسم هذا الراوي كما في الحديث رقم ٣٢ ففيه:(حدثني أبو أيوب - يعني الأفريقي - عن عاصم).
وإما أن تكون التعليقات بعد إيراده الحديث. وهذا هو الغالب عليها. ولا حاجة للتمثيل عليها لأن كل الأمثلة القادمة هي من هذا النوع.
- وأما مقدارها، فهو يتفاوت من حديث إلى آخر. فبينما يكون التعليق جملة مختصرة إذا بنا نراها تبلغ أحيانا ما يقرب من صفحة.
مضمونها:
يمكن أن تصنف هذه التعليقات حسب الموضوع الذي تدور حوله، وسنورد ما وقفنا عليه من دراستنا لكتاب " السنن ":
١ - كلامه حول الرجال:
تعتبر هذه التعليقات من الملاحظات الحديثة بوجه عام، ومقدارها في " السنن " لا بأس به، ولو جمعت هذه الملاحظات في الرجال والمتون ونسقت لتكون منها بحث لطيف.
ونستطيع أن نصنف كلامه في الرجال في زمرتين:
الأولى:
كلامه في التعريف بهم وذكر أنسابهم والتحقيق في المختلف فيه منها وتبيان ما اعتراها من تصحيف وغلط.