للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - كيفية الدعوة ومجالاتها

١ - أما كيفية الدعوة فيجب على الداعية إلى الله أن يصلح نفسه أولا ومحيطه من أهل بيته وأقاربه، ثم يتجه إلى دعوة الناس. قال تعالى عن نبيه شعيب - عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} (١). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٢). وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٣) قال الإمام العلامة ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (٣/ ١٥٨): أول ما أوحى إليه ربه - تبارك وتعالى - أن يقرأ باسم ربه الذي خلق. وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ. ثم أنزل عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (٤) {قُمْ فَأَنْذِرْ} (٥) فنبأه بقوله: (اقرأ) وأرسله بقوله: (يا أيها المدثر) ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين. انتهى. ومن هنا نعلم أن الدعاة الذين يتجاوزون بلادهم ومن حولهم، بل يتجاوزون أهل بيوتهم وأقاربهم، وهم على الشرك والكفر أو المعاصي، ويذهبون في محيط بعيد عنهم أنهم مخالفون لهدي النبوة في الدعوة.

وعلى الداعية أن يبدأ بالأمور المهمة، فيبدأ أولا بإصلاح العقيدة؛ لأنها هي الأساس الذي تنبني عليه سائر الأعمال، فالأعمال مهما بلغت إذا لم تكن مبنية على عقيدة صحيحة سليمة من الشرك فإنها لا قيمة لها ولا فائدة منها، قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٦) ومن هنا كانت دعوات الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - أول ما تتجه إلى إصلاح العقيدة بالدعوة إلى التوحيد وترك الشرك.


(١) سورة هود الآية ٨٨
(٢) سورة التحريم الآية ٦
(٣) سورة الشعراء الآية ٢١٤
(٤) سورة المدثر الآية ١
(٥) سورة المدثر الآية ٢
(٦) سورة الزمر الآية ٦٥