للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (١) وكل نبي يقول لقومه أول ما يدعوهم: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (٢) وهكذا كانت دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لبث ثلاث عشرة سنة في مكة قبل الهجرة يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، قبل أن يأمرهم بصلاة أو زكاة أو صيام أو حج، مما يدل على أن منهج الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في الدعوة منهج واحد، وهو البداءة بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، ثم إلى بقية الأحكام، وحتى لو كان المجتمع إسلاميا فإنه لا يخلو من وجود أنواع من الشرك في بعض الناس وبعض البلاد، بسبب الجهل وبسبب انتشار المشعوذين والدجالين الذين يحاولون إفساد عقائد الناس، وفي مجتمعنا المعاصر كما تعلمون الكثير والكثير من أنواع الشرك الأكبر المتمثل بعبادة الأضرحة في كثير من البلاد الإسلامية، ولم يتجه إلى إنكاره إلا قليل من الدعاة على كثرتهم، وهذا خلل عظيم في منهج الدعوة.

ثم على الدعاة كذلك أن يهتموا بإنكار البدع المحدثة في العبادات، وبتعليم الناس السنن الصحيحة - لأن البدع من أعظم ما يفسد الدين بعد الشرك - فالمبتدع يشرع في الدين ما لم يأذن به الله، والبدع كلها مرفوضة مردودة على أصحابها مهما أتعبوا أنفسهم وأنفقوا أموالهم وضيعوا أوقاتهم في إقامتها، قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٣)» وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (٤)» فعلى الدعاة أن يهتموا بدعوة الناس إلى إحياء السنن وترك البدع وإماتتها - فهذا من أعظم مجالات الدعوة.

ثم بعد ذلك يتجه الدعاة إلى الدعوة إلى أداء الفرائض وترك المعاصي


(١) سورة النحل الآية ٣٦
(٢) سورة النساء الآية ٣٦
(٣) متفق عليه - رياض الصالحين ص٤٣٧.
(٤) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).