للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمحرمات وتصحيح المعاملات؛ لأن المعاصي سبب لهلاك العباد والبلاد قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١) ووجود الدعاة والمصلحين أمان من العذاب والهلاك قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (٢) وعدم وجود الدعاة والمصلحين سبب الهلاك.

وعلى الدعاة أن يراعوا أحوال المدعوين، فالجاهل له معاملة في الدعوة والعالم له معاملة والمعاند له معاملة، فيعاملوا كلا بما يليق به، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٣) وذلك أن المدعو له حالات يعامل في كل حالة بما يناسبها: الحالة الأولى: أن يكون جاهلا بالحق ولو بين له لأخذ به، فهذا يدعى بالحكمة واللين واللطف والرأفة. الحالة الثانية: من إذا بين له الحق لم يسرع لقبوله والعمل به، بل يكون عنده كسل وفتور، فهذا يحتاج مع البيان إلى موعظة بأن يخوف ويبين له ثواب المطيعين وعقاب العاصين. الحالة الثالثة: من إذا بين له الحق لم يقبله، وحاول رده بالشبهات، فهذا يجادل بالتي هي أحسن لكشف شبهاته وبيان خطئه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢/ ٤٥): الناس ثلاثة أقسام: إما أن يعترف بالحق ويتبعه فهذا صاحب الحكمة. وإما أن يعترف به لكن لا يعمل به، فهذا يوعظ حتى يعمل. وإما ألا يعترف به فهذا يجادل بالتي هي أحسن؛ لأن الجدال في مظنة الإغضاب فإذا كان بالتي هي أحسن حصلت منفعته بغاية الإمكان كدفع الصائل. . انتهى. وقال الإمام ابن القيم في مفتاح دار السعادة: جعل الله مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريق الحكمة - والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يدعى بالموعظة


(١) سورة الروم الآية ٤١
(٢) سورة هود الآية ١١٧
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥