للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم البيع]

البيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (١)، وفي السنة ما رواه البخاري (٢) عن ابن عباس قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فلما كان الإسلام تأثموا فيه فأنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (٣)، وقال صلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (٤)».

وأجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة (٥) ما لم يشغل عن واجب، فإن شغل عن أداء واجب فإنه لا يجوز إلى أن يؤدى ذلك الواجب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ للِصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٦) {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (٧)، وكذا إذا ترتب على البيع الإعانة على معصية أو أدى إلى محرم فإنه لا يجوز ولا يصح كبيع العصير ممن يتخذه خمرا، وبيع السلاح في الفتنة بين المسلمين، وكل بيع أعان على معصية، فإن الوسائل لها حكم الغايات، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (٨)، قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى (٩): باب تحريم بيع العصير ممن يتخذه خمرا، وكل بيع أعان على معصية، وساق الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له (١٠)».

وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: لعنت الخمرة على عشرة وجوه: لعنت الخمرة بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها، ووجه الاستدلال من هذين الحديثين أن اللعن فيهما شمل شارب الخمر ومن


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) البخاري (١٧٧٠، ٢٠٥٠) في الحج والبيوع والتفسير.
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٨
(٤) متفق عليه.
(٥) المغني (٣/ ٥٦٠).
(٦) سورة الجمعة الآية ٩
(٧) سورة الجمعة الآية ١٠
(٨) سورة المائدة الآية ٢
(٩) المنتقى (٥/ ١٦٣) مع نيل الأوطار.
(١٠) سنن الترمذي البيوع (١٢٩٥)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٨١).